آدم عليه السلام
أحلى وئام :: اسلاميات :: أنبياء كرام
صفحة 1 من اصل 1
آدم عليه السلام
خلق الله آدم ....وأسكنه جنته..وأسجدله ملائكته..وحرره من سلطان الشيطان..واستخلفه في الأرض خلافة عمارة لا نيابة عن الله..وسخر له ما في السمارات وما في الأرض ..كل ذلك من أجله وفي خدمته...
فمن هو أدم؟
وما هي قصته؟
قال تعالى:
(وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون*وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقينقالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم*قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون*وإذ قال للملائكة اسجدو لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين*وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا تلك الشجرة فتكونا من الظالمين*فأزلهما الشيطام عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين*فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم*قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) "البقرة:30-38"
هكذا أراد الله سبحانه لهذا الإنسان أن يسكن الأرض وشخر له كنوزها وخاماتها وخيراتها...
إلا أن الملائكة ظنوا أن الله لم يخلق الخلق إلا للتسبيح والتحميد والتقديس وإذا كان كذلك فهو متحقق بوجودهم هم،يسبحون بحمد الله ويقدسون له،ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته!
أما هذا الإنسان المخير في أفعاله فمن المتوقع أن يفسد في الأرض وأن يسفك الدماء إلا أن حكمة الله في بناء هذه الأرض وعمارتها وفي تنمية الحياة وتنويعها على يد من أراد أن يجعله خليفة في أرضه..هذا الذي قد يفسد أحياناًوقد يسفك الدماء أحياناً،ليتم من وراء هذا الشر الجزئي الظاهر خير أكبر وأشمل...
وقد علم الله سبحانه آدم الأسماء كلها ولم يكن هذا العلم عند الملائكة وطلب من الملائكة ان يخبروه بهذه الأسماء فعجزوا عن ذلك،وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم والإقرار بحدود علمهم وهو ما علمهم وسجدوا امتثالاً لأمر ربهم إلا أن إبليس لم يكن من جنس الملائكة وإنما كان معهم فاستكبر وأبى أن يكون من الساجدين وضمر في نفسه الشر لآدم.
لقد انكشف ميدان المعركة الخالدة، المعركة بين خليقة الشر في ابليس، وخليفة الله غي الأرض،المعركة التي ينتصر فيها الخير بمقدار ما يستعصم الإنسان بإرادته وعهده مع ربه،وينتصر فيها الشر بمقدار ما يستسلم الإنسان لشهوته،ويبعد عن ربه.
أراد الله أن يختبر آدم المخير في أفعاله فأباح له ولزوجه أن يأكلا من ثمار الجنة كلها إلا شجرة...شجرة واحدة فقط.وذلك لامتحان صبر الانسان على الوفاء بالعهد والتقيد والشرط،فالإرادة هي مفرق الطرق...عندئذ تمت التجربة :نسي آدم عهده،وضعف أمام الغواية وعندئذ حقت كلمة الله وذلك بعد أن أزلهما الشيطان وزين لهما المعصية.
(وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولك في الأرض مستقر ومتاع إلى حين)..
وكان هذا إيذاناً بانطلاق المعركة في مجالها المقدر لها بين الشيطان والإنسان إلى آخر الزمن.
ونهض آدم من عثرته،وأدركته رحمة ربه التي تدرك الإنسان دائماً عندما يرجع إلى ربه ويلتجئ إليه.
(فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم).وتمت كلمة الله الأخيرة، وعهده الدائم مع آدم وذريته،عهد الاستخلاف في هذه الأرض، وشرط الفلاح فيها أو الخسران...وانتقلت المعركة الخالدة بين آدم والشيطان إلى ميدانها الأصيل ،ما تهدأ لحظة وما تفتر،وعرف الإنسان في فجر البشرية كيف ينتصر إذا شاء الانتصار،وكيف ينكسر إذا اختار لنفسه الخسارة...
إذن...فآدم مخلوق لهذه الأرض منذ اللحظة الأولى،ففيم إذن كانت تلك الشجرة المحرمة؟
وفيم إذن كان بلاء آدم؟
وفيم إذن كان الهبوط ‘لى الأرض،وهو مخلوق لهذه الأرضمنذ اللحظة الأولى؟
إن هذه التجربة كانت تربية لهذا الخليفة وإعداداً،كانت تدريباً له على تلقيالغواية،والوقوع في الندامة،ومعرفة العدو،والالتجاء بعد ذلك ‘لى الله سبحانه...
إن قصة الشجرة المحرمة، ووسوسة الشيطانبالذة ونسيان العهد بالمعصية،والصحوة من بعد السكرة،والندم وطلب المغفرة...إنها هي هي تجربة البشرية المتجددة المتكررة!
وبعدفأين كان هذا الذي كان؟
وما الجنة التي عاش فيها آدم وزوجه حيناً من الزمن؟
ومن هم الملائكة؟
ومن هو إبليس؟
وكيف قال الله تعالى لهم؟
وكيف أجابوه؟
هذا وأمثاله في القرآن الكريم غيب من الغيب الذي استأثر الله تعالى بعلمه،وعلم بحكمته أن لا فائدة للبشر في معرفة ذلك وطبيعته،فلم يهب لهم القدرة على إدراكه والإحاطة به،بالأداة التي وهبهم إياها لخلافة الأرض،وليس من مستلزمات الخلافة أن نطلع على هذا الغيب،وبقدر ما سخر الله تعالى للإنسان من النواميس الكونية وعرفه بأسرارها،بقدر ما حجب عنه أسرار الغيب،فيما لا جدوى له من معرفته،وما يزال الانسان مثلاً على الرغم من كل ما فتح له من الأسرار الكونية يجهل ما وراء اللحظة الحاضرة جهلاً مطلقاً،ولا يملك بأي أداة من أدوات المعرفة المتاحة له أن يعرف ماذا سيحدث له بعد لحظة،وهل النفس الذي خرج من فمه عائد أم هو آخر أنفاسه؟وهذا مثل من الغيب المحجوب عن البشر،لأنه لا يدخل في مقتضيات الخلافة،بل ربما معوقاً لها لو كشف للإنسان عنه!
وهناك ألوان من مثل هذه الأسرار المحجوبة عن الانسان،في طي الغيب الذي لا يعلمه إلا الله فلندع هذا الغيب إذاً لصاحبه000
إذن تبين لنا مما سلف أن الإنسان سيد هذه الأرض ومن أجله خلق كل شئفيها،فهو إذن أعز وأكرم وأغلى من كل شئ مادي...
وأن دور الانسان في الأرض هو الدور الاول،فهو الذي يغير ويبدل في أشكالها وفي ارتباطاتها،وهو الذي يقود اتجاهاتها ورحلاتها...
وأن الإرادة في الانسان هي مناط العهد مع الله،وهي مناط التكليف والجزاء...
إنه يملك الارتفاع على مقام الملائكة بحفظ عهده مع ربه عن طريق تحكيم إرادته، وعدم الخضوع لشهواته...
بينما يملك أن يشقي نفسه ويهبط من عليائه، بتغليب الشهوة على الإرادة،والغواية على الهداية.
ولنا سؤال وهو:لماذا أقام إبليس هذا العداء لآدم وذريته من بعده؟
خلق الله إبليس من النار،فهو من غير الملائكة قطعاً، وإن كان قد أمر بالسجود لآدم في زمرة الملائكة،وقد بين الله سبحانه بأن إبليس من الجنإلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) (الكهف:50)
فأما الملائكة- وهم الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون- فقد سجدوا مطيعين منفذين لأمر الله،لا يترددون ولا يستكبرون ولا يفكرون في معصية لأي سبب ولأي تصور ولأي تفكير...وهذه طبيعتهم،وهذه خصائصهم...وهذه وظيفتهم...
وأما إبليس فقد امتنع عن تنفيذ أمر الله سبحانه وعصاه،وسنعلم ما الذي حاك في صدره،وما التصور الذي سيطر عليه فمنعه من طاعة ربه،وهو يعرف أنه ربه وخالقه، ومالك أمره وأمر الوجود كله،لا شك في شئ من هذا كله!
(قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) (الأعراف:12)
لقد جعل إبليس له رأياً مع النص،وجعل لنفسه حقاً في أن يحكم نفسه وفق ما يرى هم من سبب وعلة مع وجود الأمر... وحين يوجد النص القاطع والأمر الجازم ينقطع النظر،ويبطل التفكر،وتتعين الطاعة،ويتحتم التنفيذ...
وهذا إبليس لم يكن ينقصه أن يعلم أن الله هو الخالق المالك الرازق الدبر الذي لا يقع في هذا الوجود شئ إلا بإذنه وقدره... ولكنه لم يطع الأمر كما صدر إليه ولم ينفذه.. بمنطق من عند نفسه..فكان الجزاء العاجل الذي تلقاه لتوه:(قال فاهبط منها فما لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين)...
إن علمه باله لم ينفعه،واعتقاده بوجود وصفاته لم ينفعه وكذلك كا من يتلقى أمر الله، ثم يجعل لنفسه نظراً في هذا الأمر فإنه الكفر مع العلم ومع الاعتقاد، فإبليس لم يكن ينقصه العلم /ولم يكن ينقصه الاعتقاد!ّ
لقد طرد من الجنة،وطرد من رحمة الله،وحقت عليه اللعنة،وكتب عليه الصغار.
ولكن الشرير العنيد لا ينسى أن آدم هو سبب الطرد والغضب ولا يستسلم لمصيره البائس دون أن ينتقم، ثم ليؤدي وظيفته وفق طبيعة الشر التي تمخضت فيه.
فهو الإصرار المطلق على الشر،والتصميم المطلق على الغواية...وبذلك تتكشف هذه الطبيعة عن خصائصها الأولى..شر ليس عارضاً ولا وقتياً، وإنما هو الشر الأصيل العامد القاصد العنيد..
لقد سأل إبليس ربه أن يتظره إلى يوم البعث، وهو يعلم أن هذا الذي يطلبه لا يقع إلا بإرادة الله ةقدره،ولقد أجابه الله طلبه في الإنظار،ولكن إلى يوم الوقت المعلوم.ز
وهنا يعلن إبليس في تبجج خبيث-وقد حصل على قضاء بالبقاء الطويل-أنه سيرد على تقدير الله له الغواية وإنزالها به،بسبب معصيته وتبجحه،بأن يغوي ذلك المخلوق الذي كرمه الله،والذي بسببه كانت مأساة إبليس ولعنه وطرده! ويجسم هذا الإغواء بقوله الذي حكاه القرآن الكريم عنه:(لأقعدن لهم صراطك المستقيم*ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم)..
إنه سيقعد لآدم وذريته على صراط الله المستقيم، يصد عنه كل من يهم منهم باجتيازه، والصراط هو طريق الإيمان والطاعات المؤدي إلى رضى الله، وإنه سيأتي البشر من كل جهة للحيلولة بينهم وبين الإيمان والطاعة، يريد الإطباق على البشر في محاولته الدائبة لإغوائهم، فلا يعرفون الله ولا يشكرونه، اللهم إلا القليل الذي يفلت ويستجيب.
لقد أجيب إبليس إلى ملتمسه،لأن مشيئة الله سبحانه اقتضت أن يترك الكائن البشري يشق طريقه،بما ركب في فطرته من استعداد للخير والشر،وبما رهبه من عقل مرجح،وبما أمده من التذكير أن يتلقى الهداية والغواية،وأن يصطرع في كناية الخير والشر،وأن ينتهي إلى إحدى النهايتين،فتحق عليه سنة الله وتتحقق مشيئته بالابتلاء، سواء اهتدىأو ضل
فمن هو أدم؟
وما هي قصته؟
قال تعالى:
(وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون*وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقينقالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم*قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون*وإذ قال للملائكة اسجدو لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين*وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا تلك الشجرة فتكونا من الظالمين*فأزلهما الشيطام عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين*فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم*قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) "البقرة:30-38"
هكذا أراد الله سبحانه لهذا الإنسان أن يسكن الأرض وشخر له كنوزها وخاماتها وخيراتها...
إلا أن الملائكة ظنوا أن الله لم يخلق الخلق إلا للتسبيح والتحميد والتقديس وإذا كان كذلك فهو متحقق بوجودهم هم،يسبحون بحمد الله ويقدسون له،ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته!
أما هذا الإنسان المخير في أفعاله فمن المتوقع أن يفسد في الأرض وأن يسفك الدماء إلا أن حكمة الله في بناء هذه الأرض وعمارتها وفي تنمية الحياة وتنويعها على يد من أراد أن يجعله خليفة في أرضه..هذا الذي قد يفسد أحياناًوقد يسفك الدماء أحياناً،ليتم من وراء هذا الشر الجزئي الظاهر خير أكبر وأشمل...
وقد علم الله سبحانه آدم الأسماء كلها ولم يكن هذا العلم عند الملائكة وطلب من الملائكة ان يخبروه بهذه الأسماء فعجزوا عن ذلك،وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم والإقرار بحدود علمهم وهو ما علمهم وسجدوا امتثالاً لأمر ربهم إلا أن إبليس لم يكن من جنس الملائكة وإنما كان معهم فاستكبر وأبى أن يكون من الساجدين وضمر في نفسه الشر لآدم.
لقد انكشف ميدان المعركة الخالدة، المعركة بين خليقة الشر في ابليس، وخليفة الله غي الأرض،المعركة التي ينتصر فيها الخير بمقدار ما يستعصم الإنسان بإرادته وعهده مع ربه،وينتصر فيها الشر بمقدار ما يستسلم الإنسان لشهوته،ويبعد عن ربه.
أراد الله أن يختبر آدم المخير في أفعاله فأباح له ولزوجه أن يأكلا من ثمار الجنة كلها إلا شجرة...شجرة واحدة فقط.وذلك لامتحان صبر الانسان على الوفاء بالعهد والتقيد والشرط،فالإرادة هي مفرق الطرق...عندئذ تمت التجربة :نسي آدم عهده،وضعف أمام الغواية وعندئذ حقت كلمة الله وذلك بعد أن أزلهما الشيطان وزين لهما المعصية.
(وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولك في الأرض مستقر ومتاع إلى حين)..
وكان هذا إيذاناً بانطلاق المعركة في مجالها المقدر لها بين الشيطان والإنسان إلى آخر الزمن.
ونهض آدم من عثرته،وأدركته رحمة ربه التي تدرك الإنسان دائماً عندما يرجع إلى ربه ويلتجئ إليه.
(فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم).وتمت كلمة الله الأخيرة، وعهده الدائم مع آدم وذريته،عهد الاستخلاف في هذه الأرض، وشرط الفلاح فيها أو الخسران...وانتقلت المعركة الخالدة بين آدم والشيطان إلى ميدانها الأصيل ،ما تهدأ لحظة وما تفتر،وعرف الإنسان في فجر البشرية كيف ينتصر إذا شاء الانتصار،وكيف ينكسر إذا اختار لنفسه الخسارة...
إذن...فآدم مخلوق لهذه الأرض منذ اللحظة الأولى،ففيم إذن كانت تلك الشجرة المحرمة؟
وفيم إذن كان بلاء آدم؟
وفيم إذن كان الهبوط ‘لى الأرض،وهو مخلوق لهذه الأرضمنذ اللحظة الأولى؟
إن هذه التجربة كانت تربية لهذا الخليفة وإعداداً،كانت تدريباً له على تلقيالغواية،والوقوع في الندامة،ومعرفة العدو،والالتجاء بعد ذلك ‘لى الله سبحانه...
إن قصة الشجرة المحرمة، ووسوسة الشيطانبالذة ونسيان العهد بالمعصية،والصحوة من بعد السكرة،والندم وطلب المغفرة...إنها هي هي تجربة البشرية المتجددة المتكررة!
وبعدفأين كان هذا الذي كان؟
وما الجنة التي عاش فيها آدم وزوجه حيناً من الزمن؟
ومن هم الملائكة؟
ومن هو إبليس؟
وكيف قال الله تعالى لهم؟
وكيف أجابوه؟
هذا وأمثاله في القرآن الكريم غيب من الغيب الذي استأثر الله تعالى بعلمه،وعلم بحكمته أن لا فائدة للبشر في معرفة ذلك وطبيعته،فلم يهب لهم القدرة على إدراكه والإحاطة به،بالأداة التي وهبهم إياها لخلافة الأرض،وليس من مستلزمات الخلافة أن نطلع على هذا الغيب،وبقدر ما سخر الله تعالى للإنسان من النواميس الكونية وعرفه بأسرارها،بقدر ما حجب عنه أسرار الغيب،فيما لا جدوى له من معرفته،وما يزال الانسان مثلاً على الرغم من كل ما فتح له من الأسرار الكونية يجهل ما وراء اللحظة الحاضرة جهلاً مطلقاً،ولا يملك بأي أداة من أدوات المعرفة المتاحة له أن يعرف ماذا سيحدث له بعد لحظة،وهل النفس الذي خرج من فمه عائد أم هو آخر أنفاسه؟وهذا مثل من الغيب المحجوب عن البشر،لأنه لا يدخل في مقتضيات الخلافة،بل ربما معوقاً لها لو كشف للإنسان عنه!
وهناك ألوان من مثل هذه الأسرار المحجوبة عن الانسان،في طي الغيب الذي لا يعلمه إلا الله فلندع هذا الغيب إذاً لصاحبه000
إذن تبين لنا مما سلف أن الإنسان سيد هذه الأرض ومن أجله خلق كل شئفيها،فهو إذن أعز وأكرم وأغلى من كل شئ مادي...
وأن دور الانسان في الأرض هو الدور الاول،فهو الذي يغير ويبدل في أشكالها وفي ارتباطاتها،وهو الذي يقود اتجاهاتها ورحلاتها...
وأن الإرادة في الانسان هي مناط العهد مع الله،وهي مناط التكليف والجزاء...
إنه يملك الارتفاع على مقام الملائكة بحفظ عهده مع ربه عن طريق تحكيم إرادته، وعدم الخضوع لشهواته...
بينما يملك أن يشقي نفسه ويهبط من عليائه، بتغليب الشهوة على الإرادة،والغواية على الهداية.
ولنا سؤال وهو:لماذا أقام إبليس هذا العداء لآدم وذريته من بعده؟
خلق الله إبليس من النار،فهو من غير الملائكة قطعاً، وإن كان قد أمر بالسجود لآدم في زمرة الملائكة،وقد بين الله سبحانه بأن إبليس من الجنإلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) (الكهف:50)
فأما الملائكة- وهم الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون- فقد سجدوا مطيعين منفذين لأمر الله،لا يترددون ولا يستكبرون ولا يفكرون في معصية لأي سبب ولأي تصور ولأي تفكير...وهذه طبيعتهم،وهذه خصائصهم...وهذه وظيفتهم...
وأما إبليس فقد امتنع عن تنفيذ أمر الله سبحانه وعصاه،وسنعلم ما الذي حاك في صدره،وما التصور الذي سيطر عليه فمنعه من طاعة ربه،وهو يعرف أنه ربه وخالقه، ومالك أمره وأمر الوجود كله،لا شك في شئ من هذا كله!
(قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) (الأعراف:12)
لقد جعل إبليس له رأياً مع النص،وجعل لنفسه حقاً في أن يحكم نفسه وفق ما يرى هم من سبب وعلة مع وجود الأمر... وحين يوجد النص القاطع والأمر الجازم ينقطع النظر،ويبطل التفكر،وتتعين الطاعة،ويتحتم التنفيذ...
وهذا إبليس لم يكن ينقصه أن يعلم أن الله هو الخالق المالك الرازق الدبر الذي لا يقع في هذا الوجود شئ إلا بإذنه وقدره... ولكنه لم يطع الأمر كما صدر إليه ولم ينفذه.. بمنطق من عند نفسه..فكان الجزاء العاجل الذي تلقاه لتوه:(قال فاهبط منها فما لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين)...
إن علمه باله لم ينفعه،واعتقاده بوجود وصفاته لم ينفعه وكذلك كا من يتلقى أمر الله، ثم يجعل لنفسه نظراً في هذا الأمر فإنه الكفر مع العلم ومع الاعتقاد، فإبليس لم يكن ينقصه العلم /ولم يكن ينقصه الاعتقاد!ّ
لقد طرد من الجنة،وطرد من رحمة الله،وحقت عليه اللعنة،وكتب عليه الصغار.
ولكن الشرير العنيد لا ينسى أن آدم هو سبب الطرد والغضب ولا يستسلم لمصيره البائس دون أن ينتقم، ثم ليؤدي وظيفته وفق طبيعة الشر التي تمخضت فيه.
فهو الإصرار المطلق على الشر،والتصميم المطلق على الغواية...وبذلك تتكشف هذه الطبيعة عن خصائصها الأولى..شر ليس عارضاً ولا وقتياً، وإنما هو الشر الأصيل العامد القاصد العنيد..
لقد سأل إبليس ربه أن يتظره إلى يوم البعث، وهو يعلم أن هذا الذي يطلبه لا يقع إلا بإرادة الله ةقدره،ولقد أجابه الله طلبه في الإنظار،ولكن إلى يوم الوقت المعلوم.ز
وهنا يعلن إبليس في تبجج خبيث-وقد حصل على قضاء بالبقاء الطويل-أنه سيرد على تقدير الله له الغواية وإنزالها به،بسبب معصيته وتبجحه،بأن يغوي ذلك المخلوق الذي كرمه الله،والذي بسببه كانت مأساة إبليس ولعنه وطرده! ويجسم هذا الإغواء بقوله الذي حكاه القرآن الكريم عنه:(لأقعدن لهم صراطك المستقيم*ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم)..
إنه سيقعد لآدم وذريته على صراط الله المستقيم، يصد عنه كل من يهم منهم باجتيازه، والصراط هو طريق الإيمان والطاعات المؤدي إلى رضى الله، وإنه سيأتي البشر من كل جهة للحيلولة بينهم وبين الإيمان والطاعة، يريد الإطباق على البشر في محاولته الدائبة لإغوائهم، فلا يعرفون الله ولا يشكرونه، اللهم إلا القليل الذي يفلت ويستجيب.
لقد أجيب إبليس إلى ملتمسه،لأن مشيئة الله سبحانه اقتضت أن يترك الكائن البشري يشق طريقه،بما ركب في فطرته من استعداد للخير والشر،وبما رهبه من عقل مرجح،وبما أمده من التذكير أن يتلقى الهداية والغواية،وأن يصطرع في كناية الخير والشر،وأن ينتهي إلى إحدى النهايتين،فتحق عليه سنة الله وتتحقق مشيئته بالابتلاء، سواء اهتدىأو ضل
أحلى وئام :: اسلاميات :: أنبياء كرام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى