بعث قريش إلى النجاشي تطلب إرجاع المسلمين

ولما كان بعد بدر اجتمعت قريش في <A name="دار الندوة18628">دار الندوة . وقالوا : إن لنا في الذين عند <A>النجاشي ثأرا . فاجمعوا مالا . واهدوه إلى <A>النجاشي ، لعله يدفع إليكم من عنده ولتنتدب لذلك رجلين من أهل رأيكم . فبعثوا <A name="عمرو بن العاص20746">عمرو بن العاص <A name="عمارة بن الوليد20745">وعمارة بن الوليد مع الهدي . فركبا البحر . فلما دخلا ، على <A>النجاشي سجدا ، وسلما عليه . وقالا : قوما لك ناصحون . وإنهم بعثونا إليك لنحذرك هؤلاء الذين قدموا عليك لأنهم قوم اتبعوا رجلا كذابا . خرج فينا يزعم أنه رسول الله ولم يتبعه إلا السفهاء فضيقنا عليهم وألجأناهم إلى شعب بأرضنا ، لا يخرج منهم <A>أحد ولا يدخل عليهم <A>أحد . فقتلهم الجوع والعطش . فلما اشتد عليهم الأمر بعث إليك ابن عمه ليفسد عليك دينك وملكك . فاحذرهم . وادفعهم إلينا لنكفيكهم وآية ذلك أنهم إذا دخلوا عليك لا يسجدون لك ، ولا يحيونك بالتحية التي تحيي بها ، رغبة عن دينك .

فدعاهم <A>النجاشي . فلما حضروا . صاح <A name="جعفر بن أبي طالب20744">جعفر بن أبي طالب بالباب " يستأذن عليك حزب الله " فقال <A>النجاشي : مروا هذا الصائح فليعد كلامه . ففعل . قال نعم . فليدخلوا بإذن الله وذمته . فدخلوا ولم يسجدوا له . فقال ما منعكم أن تسجدوا لي ؟ قالوا : إنما نسجد لله الذي خلقك وملكك ، وإنما كانت تلك التحية لنا ونحن نعبد الأوثان . فبعث الله فينا نبيا صادقا . وأمرنا بالتحية التي رضيها الله . وهي " السلام " تحية أهل الجنة .

فعرف <A>النجاشي أن ذلك حق . وأنه في <A>التوراة <A>والإنجيل .

فقال <A>النجاشي : فما تطلبون منه ؟ قال كنا نحن وهم على أمر واحد على دين آبائنا . فتركوا ذلك واتبعوا غيره .

فقال <A>النجاشي : ما هذا الذي كنتم عليه . وما الذي اتبعتموه ؟ قل واصدقني .

فقال جعفر أما الذي كنا عليه فتركناه وهو دين الشيطان . كنا نكفر بالله ونعبد الحجارة . وأما الذي تحولنا إليه فدين الله الإسلام جاءنا به من الله رسول وكتاب مثل كتاب ابن <A>مريم موافقا له .

ثم أمر بضرب الناقوس . فاجتمع إليه كل قسيس وراهب . فقال لهم أنشدكم الله الذي أنزل <A>الإنجيل على عيسى ، هل تجدون بين عيسى وبين يوم القيامة نبيا ؟ قالوا : اللهم نعم . قد بشرنا به عيسى ، وقال من آمن به فقد آمن بي ، ومن كفر به فقد كفر بي .

فقال <A>النجاشي لجعفر رضي الله عنه ماذا يقول لكم هذا الرجل ؟ وما يأمركم به ؟ وما ينهاكم عنه ؟ .

فقال اقرأ مما يقرأ عليكم . فقرأ سورتي العنكبوت <A>والروم . ففاضت عينا <A>النجاشي من الدمع . وقال زدنا من هذا الحديث الطيب . فقرأ عليهم سورة <A>الكهف .

فأراد عمرو أن يغضب <A>النجاشي . فقال إنهم يشتمون عيسى وأمه .

فقال ما تقولون في عيسى وأمه ؟ فقرأ عليهم سورة <A>مريم . فلما أتى على ذكر عيسى وأمه رفع <A>النجاشي بقشة من سواكه قدر ما يقذي العين . فقال والله ما زاد المسيح على ما تقولون نقيرا .

وفيه نزل قول الله تعالى ( 5 : 83 - 85 ) <A title="سورة المائدة (سورة رقم: 5)؛ آية رقم:83" href="javascript:DisplayAyaa(5,83)" name="وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى6493">وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق - الآيات .

فأقبل <A>النجاشي على جعفر . ثم قال اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي - والسيوم الآمنون - من سبكم غرم . فلا هوادة اليوم على حزب إبراهيم .